مقدمة: نشهد
بالسنوات الأخيرة اعترافا عالميا يتزايد
يوما بعد يوم بأهمية توفير الإمكانيات
المتساوية للجميع من اجل تطوير القدرات
الذاتية لكل فرد بالمجتمع لما في ذلك من
مصلحة تعود بالفائدة ليس على الأفراد فقط
بل على المجتمع بأكمله. ففي
عصر الحداثة وما بعد الحداثة فان الطاقات
البشرية المتميزة المبدعة هي ما يحتاجها
كل مجتمع للدخول الى حلبة الصراع الدولي
والى دولاب العولمة ولذا فحتى القوى
الاقتصادية الكبرى الفاعلة في العالم
أصبحت تولي اهتماما لتطوير القدرات
البشرية. فأي مجتمع يسعى لأن يساهم في
الحضارة البشرية يحتاج في ظل العولمة الى
أقصى الطاقات البشرية الخلاقة. فالصراع
اليوم هو بين المشاركة في الإنتاج
واستهلاكه. وكما
هو معروف فان هنالك عدة عوامل تؤثر على صقل
الشخصية الإنسانية منها : عوامل اقتصادية
وسياسية وجغرافية واجتماعية ونفسية
وعاطفية ... وتشترك في تفعيل هذه العوامل
مؤسسات المجتمع المتعددة: المجتمع,
البيت, المدرسة النادي وسائل الأعلام,
المؤسسات التربوية, المؤسسات الدينية .....
وجميع ما يصدر عنها من رسائل (سلوكيات,
مواقف) واعية وغير واعية مكتوبة او مسموعة. نتيجة
لنشاطات الحركة النسوية في العالم وتفكيك
هذه العوامل الى مركباتها فقد اهتمت
المربيات منهن بالبداية الى ما تحمله
الكتب من رسائل, والى استعمالها في العديد
من الاحيان لبلورة الأفكار والمواقف
للأطفال او المستهلكين بشكل عام. ورافق
هذا الاهتمام أبحاث عديدة في العالم أثارت
اهتمام المجتمع ومؤسساته وشهدنا على مر
السنوات اهتماما متزايدا من قبل السلطات
المختلفة. مما حدا بمؤسسات الأمم
المتحدة الاهتمام في الموضوع وأجراء
الأبحاث حوله. أما
في العالم العربي فنحن نشهد أيضا بعض
الاهتمام في الموضوع خاصة في لبنان وبلدان
المغرب العربي ولعل أول بحث جاد حول
الجنسوية في أدب الأطفال العربي فهو البحث
الذي آجرته يولندا أبو النصر وزينات
باروني في 1994 حول كتب الأطفال بين
-1977 1993 والذي كشف ان غالبية الشخصيات
النسائية في كتب الأطفال تلعب دور الرعاية
والتعلق في داخل العائلة. كمهتمات
في الطفولة المبكرة وفاعلات في العديد من
المؤسسات ارتأينا أهمية إجراء بحث حول
صورة الأنثى المرأة/ الفتاة الطفلة في أدب
الأطفال المخصص للطفولة المبكرة ونقوم
هنا باستعراض النتائج الأولية لهذا البحث,
وعرض بعض النماذج الإيجابية من الأدب
العربي المحلي, المترجم ومن الأدب العالمي
والى استخلاص بعض المعايير التى من الممكن
بمراعاتها ان تكتب المزيد من النماذج
الإيجابية. وقبل
الولوج بالبحث من المهم ان نتوقف للحظة
حول المصطلحات المستعملة هنا: الجنسوية
:Sexisim يستعمل
هذا التعبير بالمماثلة مع العنصرية,
للتعبير عن التمييز المستند الى النوع.
في معناه الأول, يقصد هذا التعبير التحامل
ضد الأنثى, أما في معناه الواسع فهو يعني
اليوم, ان أية نمذجة اعتباطية للذكور
والإناث تستند الى الجنس. الجنس:
Sex هو
المبنى البيلوجي والجسدي الذي نلد معه.
الخلافات بين الذكر والأنثى هي طبيعية
ومتشابه في كل عائلة ومجتمع وبلد. فمن
ناحية بيولوجية كل الإناث في العالم
متشابه كذلك كل الذكور. النوع
الاجتماعي: Gender
ان كان الجنس هو ما نخلق معه فالنوع
الاجتماعي هو ما ننمو فيه. فهو الصفات
والسلوكيات التى نكتسبها من المجتمع
بكوننا إناثا وذكورا, أنها فوارق اجتماعية
يحددها المجتمع لذكورة وإناثه لذا فهي
تختلف باختلاف الثقافات والمجتمعات. البحث: اختيار
القصص المعضلة
الأولى التى واجهتنا هي اختيار القصص لهذا
البحث, وذلك لعدم منالية الكتب للطفولة
المبكرة الصادرة في العالم العربي, كما
وانه لا يوجد بنك معلومات يجمع الكتب
الصادرة في العالم العربي بأكمله.
لذا فقد اقتصرت الكتب المختارة على كتب
صادرة في المشرق العربي (فلسطين, لبنان,
مصر, العراق, الأردن وبعض الكتب المترجمة). المعضلة
الثانية هي ان الكتب الصادرة للطفولة
المبكرة (من الولادة الى 6 سنوات) هي كتب
حديثة العهد بين كتب الأطفال العربية
ولكنها في غالبيتها لم تحدد سنة الإصدار
لذا فلم نستطع استعمال سنة الإصدار
كمرجعية لتحديد العينة المختارة (كما فعل
البحث الذي اجري في لبنان مثلا). لذا
فقد جاء اختيارنا للكتب عشوائيا بحيث يشمل
جميع الكتب المتوفرة لهذه المرحلة
العمرية في مركز الطفولة في الناصرة الذي
سعى ومنذ تأسيسه في سنة 1989 الى جمع كتب
الأطفال في مكتبة المصادر التابعة له,
بالإضافة الى جميع الكتب المتوفرة في مركز
أدب الأطفال في الكلية العربية للتربية
في حيفا والذي تأسس في سنة 1996 . وسنقوم
في مرحلة لاحقة بمراجعة الكتب المتوفرة في
المكتبة البلدية في الناصرة "أبو
سلمى" لاستكمال البحث. الكتب
التي استعرضت الى غاية ألان تحتوي على: عينة
الكتب المستخدمة ومكان إصدارها:
تجميع
النتائج لقد
قمنا بقراءة كل قصة على حدا وسجلنا اسم
القصة, مكان صدورها, مؤلف/ة القصة, المهن
المعطاة لشخصياتها. الصفات.,
المهام, تقسيم الوظائف بين الشخصيات في
القصة الواحدة. كما ونظرنا الى
الرسومات وما تعكسه من رسائل خفية.
التحليل لقد
ارتأينا أهمية استعمال طريقتين في تحليل
النتائج لما في ذلك من أهمية في تصوير
الوضع القائم في كتب الأطفال التى أدرجت
في العينة. فنحن سنستعمل طرق تحليل
كمية تظهر الكم من الوظائف والمهن والصفات
والمهام التى تقوم بها النساء والرجال,
الفتيان والفتيات, بالإضافة الى ذلك
فسيرافق ذلك تحليل نوعي للنتائج لكي
نوضح الديناميكية الداخلية للقصة
والعلاقة بين الشخصيات بها وارتباطها
بالفكر النمطي المقولب. بعض
النتائج الأولية العناوين لدى
استعرا ضنا لعناوين الكتب وجدنا 80 قصة
أعطيت لها عنوان مذكر بينما 46 قصة فقط كان
بعناوينها أسماء مؤنثة وثلاث قصص فقط دمجت
بين الجنسين. وفي
حالة استعرا ضنا لمحتويات هذه العنوانين
فوجدنا أن: برهان,سنبل,فارس,
جهاد,حسام,نبيل, اياس, حسن, زحلف هم
يتصفون ب:
الشجاعة (8). الذكاء(4), النشاط, السباق,
الشاطر, الفهمان, الوفي, يستطيع ان يساعد. وحتى
عندما يذكر صغير فهو عنترة او ملك بينما
الأميرة فهي شمس الشموس او أميرة البحيرة, بينما
اتصفت: ميمي,
بأنها دلوعة وسميت
القصص بالمعنى ألاسم كست الحسن, وشمس
الشموس, وزهرة القمر. واكثر
من ذلك عندما كان الحديث عن الحيوانات
الذكور فقد رأينا ان موكي
البطوط, والحصان, والديك اتصفا ب : شجاع,
العجيب, بينما
كانت : الزرافة,
هرتي,
مغرورة, جميلة, وإذا
استعرضنا المهن الموجودة في العنوان فنجد
ان للذكور (حتى الحيوانات منهم) مهنا عديدة
فيمكنهم ان يكونوا: خياط,
نجار, خباز, طبيب(3), بائع, صانع أحذية, حطاب,
موسيقي(2) وعازف ناي ,حارس, ربان, قائد,
رياضي, مهندس, مخترع, لاعب كرة قدم. بينما
الإناث فالخيارات محددة وهن: أم,ممرضة,
قاضية لمرة واحدة. وربما
تتضح الصورة اكثر للتقسيم بين المهن عندما
ننظر الى سلسلة عبقريات مبكرة حيث "الطبيب
الصغير" ,الربان, القائد,الرياضي,
الموسيقار, المهندس المخترع, لاعب كرة
القدم الصغير أما الممرضة والقاضية
الصغيرة! للذكور
مراكز أيضا في المجتمع فمنهم من يستطيع ان
يكون ملكا (فهو ملك الغابة والفواكه حتى)
او إمبراطورا او سيدا أما الإناث فلا
مراكز لهن. هنالك
عناوين تستعرض مواقف او أوصاف للاسم
المذكور: فهذا
نونو والأسد,
بينما
لولو والنملة شمسية
بابا الكبيرة
بينما
ألام
الصغيرة الصبي
والشمس
بينما مروة
والضفيرة
سحر والبحر
شمس الذهبية الرجل
المجهول حسن
والذئب
ليلى الحمراء
نونو والقميص الأحمر
قبعة رشا
بيت ميس
هموم وفاء أنا
افهم أنا
لست شقيا وبينما
يكون سنان في المدينة, في البحر, في الجبال,
يحافظ على الطبيعية ف"أين ذهبت
سلمى؟", أنها تذهب لتنام, تقشر التفاحة,
تتناول فطورها, تنهض من فراشها, أما حنان (ف)ترسم
قصة وأيمان (تهتم) بعيد ألام. المحتويات وعندما
القينا نظرة متعمقة في المحتويات فقد طبق
المثل "المكتوب يقرأ من عنوانه"
واليكم النتائج: الصفات تذكر
الشخصية عادة مرافقة بصفات تنعت بها فهل
هنالك فرق بين الصفات التى تنعت بها
الشخصيات المذكرة والشخصيات المؤنثة؟
*
"البنات تخاف الاقتراب من الممرضة
بينما سامي, شادي, رامي وباسل لا يخافون". "سعاد
تخاف الكلب ورائف ينقذ الموقف". من
الواضح ان الصفات لا تتكرر في غالبية
الاحيان, على الرغم من ان غالبية هذه
الصفات هي صفات إنسانية مكتسبة لا تتحدد
بكون الفرد ذكر او أنثى مما يؤكد ان
النماذج الجنسوية مسيطرة في غالبية القصص
العربية التى استعرضناها. كما
ويعرض الطفل كفاعل في مجرى الحياة فهو "يصنع
الطائرة وتقوم أخته بكسرها بعد ان تلعب
بها", كما ويصنعان حسيب ونسيب "ماكنة
لصنع البطاريات, غواصة, حافلة, صاروخ,
طائرة" بالإضافة
الى ذلك فهنالك الرسائل الخفية/ غير
المباشرة التى تمتلئ القصص بها : فها
هي "الشمس تخرج أميرة حلوة تستيقظ كل
يوم تمشط شعرها الأشقر الطويل, تحمل عصاها
السحرية, تقف خجولة خلف الجبل, ترفع ثوبها
البرتقالي الجميل وتبدأ في الصعود"
بينما القمر "يخرج الأمير بدر الزمان
حاملا سيفه الفضي الجميل". "البومة
تجري عملية تجميل لانفها الزهرة
تعاكس الشمس وتقول أنا الأجمل الديك
طبيب ماهر" أما
"ميمي ألد لوعة الجميلة تطاردها القطط...." و
"ارنبو الشاطر وارنوب الجميلة" "أصغت
البرتقالة الصفراء الجميلة ... قال الكر
فوت بحكمة وذكاء..." وها
نحن نتعرف بان "مهمة استرجاع الأميرة
مهمة شاقة تحتاج الى شاب قوي شجاع صبور" في
جميع القصص المستعرضة لم تتصف المرأة
بأنها متخذة للقرارات او أنها تقرر ولكن
نراها في أحد المواقف القليلة تقرر:
"الزوجة الشريرة قررت قتل زوجها
ولتنفيذ القتل اتفقت مع أخيها الشجاع" الوظائف
العائلية تذكر
القصص وظائف عائلية متنوعة وتلقي عليها
مهاما, فما هي هذه الوظائف؟ وكم تذكر؟ وما
هي المهام الملقاة عليها وماذا نستطيع ان
نستنبط من الصورة التى يعكسها أدب الأطفال
العربي عن تقسيم الوظائف في البيت؟:
لقد
ذكر أيضا الابن, والأخ والأخت وسنتعرض لها
لدى ذكر المهام الملقاة عليها والتوقعات
منها أما هنا فمن الواضح ان كلا الوظيفتين
ألام والجدة مذكورة اكثر من الأب والجد
فهل المهام الملقاة على عاتقهم تختلف. مهام
ألام والأب تظهر
لنا القصص مهام محددة للام والأب فعلى
ألام ملقى في الغالب المهام المنزلية
والأب المهام خارج المنزل:
*
مما يثير الاهتمام ان الأب يرافق ويدعم
الابن فقط ألا في حالات نادرة فهو يرافق
الابنة أيضا. **
ينصب الأب الخيمة بينما تقوم ألام بتحضير
الطعام. ***
يقرأ الأب الجريدة بينما تقوم ألام بتحضير
الطعام. تقسيم
الوظائف التقليدي ينعكس في الغالبية
العظمى من القصص, كما وينعكس أيضا في تحديد
ملكية الاليات البيتية "فصندوق الخياطة
للماما ... وصندوق العدة للبابا" , سوى
بعض الاستثناءات التى سنتعرض لها لاحقا
لدى استعراض البدائل في مثل هذه الحالة
نرى ان ألام والأب يتناوبان في المستشفى
ويخرجان للتسوق معا, ويقوم الأب في رعاية
الأطفال وسرد القصة لهم. أما
الجد والجدة فهما:
توقعات
من الابن والابنة ان
الرسائل المتوفرة في القصص تعكس أيضا
التوقعات التى تفرضها القصة على الابنة
والابن فما هي هذه التوقعات؟ ألام
تقوم بالمهام التقليدية وتطلب من الابنة
مساعدتها أيضا.
فتقوم الابنة أيضا بأعمال البيت فتجلب
الماء, وتنسج البساط, وتجمع الأزهار, وتهتم
برعاية الاخوة الصغار وترافق أمها في
التسوق بينما يذهب الابن مع أبيه للنزهة.
وتقوم الجدة بمساعدة ألام في بعض
الاحيان أيضا.
وهكذا ينقل تقسيم الوظائف التقليدي من
الجدة الى الابنة- ألام ومنها الى ابنتها
الطفلة.
*
من الملفت للانتباه ان هذه المهام غير
مطلوبة من سعيد وفارس ولكنهما يعرضان في
القصة على انهما يحبان, أي انهما اختارا
المساعدة بينما يطلب من الابنة ان تساعد.
في جميع الأحوال استعمال الفعل يساعد
يفترض أساسا أنها مهمة ألام وفي حالة
الابنة فيطلب منها المساعدة وفي حالة
الابن يترك له الخيار إذا رغب "أحب"
ذلك. وعندما
يختار فارس المساعدة لأنه يحبها "يختار
ان يساعد أمه في أعمال المنزل, جده في قص
العشب, جدته في سقي الزهور أباه في تنظيف
المخزن" العاب
البنات العاب الصبيان وسيلة
أخرى للتأثير على الأطفال هي بواسطة ما
يتوفر أمامهم من العاب وكيفية تعاملنا مع
ألعابهم والوظائف التى يتخذونها.
فقد اثبت الأبحاث أننا نؤثر على شخصية
الأطفال منذ اليوم الأول بل قبل الولادة.
فلننظر الى النماذج المتوفرة حول
العاب الأطفال في القصص:
*
"احمد تسلق الشجر لقطف التوت, بتول بحثت
عن عصا لقطف التوت". من
الواضح ان العاب الذكور توفر إمكانية
اللعب في الداخل والخارج وتتنوع. المهن
والوظائف الحياتية تحتوي
القصص على مهن ووظائف
متعددة لشخصياتها وقد وجدنا مهنا
للشخصيات المذكرة ومهنا للشخصيات المؤنثة
يستعرضها الجدول مع تبيان مدى تكرارها: المهن
المذكرة والمهن المؤنثة
*
ذكرت الطبيبة في داخل القصة فقط فاسم
الكتاب كان "لدى طبيب الأسنان" بينما
عندما ذهب الى العيادة فكانت هنالك طبيبة.
ان
هذا الجدول يتحدث عن ذاته فبينما هنالك 107
شخصية مذكرة تقوم في 41 مهنة او مهم, هنالك 23
شخصية مؤنثة تعمل ب 9 وظائف او مهام فقط. وحتى
عندما تذهب ألام الى الحضانة لتسجيل ابنها
فان لا اسم لصاحبة المهنة "المربية"
فقد "اتفقت إلماما مع السيدة
الجميلة ...." أما
عندما يتنافس الحيوانات على وظيفة ملك
الغابة فجميع المتنافسين ذكور "النمر
والأسد, الفهد, الثعلب, الذئب ...." لقد
نشطت مجموعات كثيرة في العالم لتغيير هذا
الوضع القائم وقد أجرت اليونسكو بحثا
في عدة دول في مناطق مختلفة في العالم نشر
في عام 1986 حول الجنسوية في أدب الأطفال
واستعرضت تجارب لأزالتها من كتب الأطفال
والكتب المدرسية.
ومن اكثر النشيطات في هذا المجال كانت
مربيات وباحثات من الحركة النسوية التى
رأت أهمية تغيير هذه النماذج النمطية
كوسيلة للوصول الى مجتمع يفتح المجال أمام
ذكوره وإناثه لتطوير قدراتهم الذاتية. نحن
نعلم ان السنوات الأولى من حياة الطفل هي
أهم المراحل النمائية في تطوير شخصية
الطفل وفي تنمية قدراته على مواجهة الحياة
ومصاعبها, أنها أهم مرحلة لتطوير رؤيته
الذاتية الإيجابية وتقييمه لذاته.
فالطفل الذي يلاقي تقييدا مستمرا
وتقليلا وتحديدا من إمكانياته وقدراته
فانه سيتعلم ان هنالك سقفا محددا له (من
القزاز او الباطون).
فمن منا لم يصادف طفلا/ة فقد أيمانه
بقدراته على الرسم مثلا لما صادفه من نقد
وتحديد لإبداعه....
من منا لم يصادف طفلا/ة استسلم للمربية
ولم يعد يجرؤ على المبادرة أمامها على
الأقل....
إذا نحن مطالبون بدعم الطفل والطفلة
ليكتشفوا قدراتهم وميولهم ويعززونها
ويصقلونها .. دون علاقة بكونه ذكرا او أنثى
فكل خلق مع إمكانيات متعددة قلائل من
يكتشفونها. ان
المجتمعات اليوم تسعى الى اللحاق في عجلة
التطور التى تتراكض أمامنا.
وفي ظل العولمة أصبحت هنالك دولا
كاملة غير منتجة تستهلك البضائع والأفكار
التى تنتجها دول أخرى, فالصراع القائم
اليوم هو على ملكية إنتاج المعرفة التى
تبدع وتطور بضائع يستهلكها العالم اجمع.
ان حدة الصراع هذا تتطلب الاستفادة من
كل القدرات البشرية المتوفرة في المجتمع
لذا ففي بعض البلدان لم يعد ربحيا ولا
نفعيا إبقاء 51 % من المجتمع في حالة تغييب
وتهميش واصبح من المهم إزالة جميع العوائق
التى تقع أمام تطوير هذه القدرات البشرية
نساء ورجال.
بينما تسعى بعض هذه البلدان ولضمان
سيطرتها على سوق الإنتاج
البقاء على تخلف بلدان محددة ليضمنوا
أسواقا لبضائعهم.
أننا كمجتمع فلسطيني في هذه البلاد
أمام أحد الخيار ين فأما تطوير قدراتنا
البشرية لمواكبة العولمة او الاستمرار
بالاستهلاك السلبي للبضائع. كمهتمين
ومهتمات بالتربية أيضا نقف أمام خيارات
تربوية فما هي وظيفة التربية في المجتمع
أي فلسفة تربوية نتبنى؟
هل نتبنى الفلسفة التربوية التى ترى
وظيفة التربية المحافظة على ما هو قائم؟
أم الرؤية الفلسفية التى ترى ان وظيفة
التربية هي التغيير الاجتماعي؟ أم أننا
نرى وظيفة التربية كمدعمة ممكنة لكل فرد
ان يصل الى تحقيق ذاته دون فرق.
تحديدنا لرؤيتنا التربوية ينعكس أيضا
على كتب الأطفال التى نكتبها, نرسمها,
نصدرها, نقتنيها لأطفالنا. ان
بعض هذه الأفكار دعت البعض الى المبادرة
الى كتابة كتب أطفال بديلة.
بينما البعض الأخر لهذه الكتب وخاصة
تلك الصادرة عن مجتمعات قطعت شوطا بموضوع
المساواة بين الجنسين وتتوفر بها النماذج
الإيجابية كحقيقية حياتية فأنها انعكست
في كتب الأطفال أيضا. ونحن
نستعرض هنا بعض النماذج: هنالك
من يبحث في القصص الشعبية عن نماذج
إيجابية بعض الشيء يمكن إعادة إنتاجها
كقصة "السبع بنات". هنالك
من يكتب أساطير جديدة كقصة الكاتب
الفلسطيني الكبير "غسان كنفاني"
القنديل الصغير". هنالك
من أعاد كتابة بعض الأساطير بعد إزالة
الجنسوية منها ومثل هذه التجربة نجدها في
البلاد ومن المبادرات لها ميري باروخ. وقد
صدرت بعض هذه الأساطير ولكن بغالبيتها لا
تلاءم المرحلة العمرية التى نحن بصددها
سوى القليل منها كما حدث بكتاب "الأميرة
التى لبست كيسا من ورق" أما
ضمن المحاولات العربية لتغيير بعض القصص
الشعبية لتصبح اقل جنسوية هي محاولة جهاد
عراقي في كتاب ليلى الحمراء" أما
من ضمن القصص العربية التى صدرت في البلاد
والتي تسعى وبشكل واع توفير نماذج متساوية
فاذكر هنا: "
فارس وأمل" إصدار مركز مصادر الطفولة
المبكرة - القدس - فلسطين.
أمل تركب دراجتها الجديدة.... أم فارس
تعمل مع أوراقها ودفاترها.... الأب صنع
حصانا لفارس....... فارس وأمل يتبادلان ركب
الحصان والدراجة". "عباد
الشمس" إصدار مركز الطفولة أعطى
أمير بذرة عباد الشمس لأميرة........ وزعت
أميرة البذور على جميع أصدقائها
وصديقاتها....." "طيارة
حرامية" إصدار مركز الطفولة "وعندما
تعود أمي الحنون من دوامة العمل تضمني,
تضمني, تضمني تشمني
تشمني تشمني وتزرع
الوجود فرحة وتزرع الأمل" انتظر
المساء حتى
يعود لي آبي....." ثم
كتب دار المنى "جنان
ذات الجورب الطويل" "دراجة
ليلى" "هل
أنت جبان يا برهان" "لماذا
تغيير برهان" "قندس
الخباز" "قندس
الخياط" وبعض
كتب المجموعة العراقية, وبعض كتب الصادرة
عن المجلس العربي للتنمية, وبعض الإصدارات
الذاتية مثل بعض كتب تغريد النجار.
أما
من الكتب العالمية وهي عديدة ومتنوعة اذكر
هنا Erstaunliche Grace”" و
"“The
Little Engine that could” أما
إذا حاولنا ان نستخلص من هذه النماذج ومن
الكتب السابقة ماذا نرغب أزالته من نماذج
جنسوية.
ونسعى الى تحرير النساء والرجال من
أدوار وصفات قائمة على الجنس فأليكم بعض
المؤشرات التى من المهم أخذها بالحسبان:
|