كيف خلقت الضفادع؟

 

غارت هيرا ملكة الآلهة من الآلهة لاتونا فطاردتها في الأرض من مكان إلى آخر لا تسمح لها ببقعة صغيرة ترتاح فيها تطعم توأميها، وما زالت تنتقل من مكان إلى مكان تحمل طعام ولديها على ذراعيها وتطعمهما سائرين حتى وصلت بهما يوما إلى مكان قرب ينبوع من الماء وقد أنهكها التعب والعطش، فتقدمت إلى الماء وركعت لتشرب وتروي عطشها، وما كادت تفعل حتى أسرع إليها بعض القوم هناك ومنعوها، فابتسمت ابتسامة الألم وقالت:" لماذا تمنعون عني الماء؟ أليس الماء مشاعا للجميع؟ أن النور والماء والهواء ملك لجميع الآلهة والناس، وعلى الرغم من حقي فيه اطلبه منكم منحة وهبة، أتوسل إليكم مسترحمة أن اشرب واسقي ولدي، إنني لا أريد اغتسل مع إنني متعبة وفي حاجة إلى الراحة، بل أريد أن ابل فمي الجاف، ونقطة من الماء ترياق لي ولهذين الصغيرين ترد علينا الحياة، ألا يثير شفقتكم هذان الولدان يمدان أيديهما متضرعين؟".

ولكن هذه الكلمات التي يلين لها قلب الصخر الأصم لم تحرك من القوم وتر الشفقة في القلوب، بل ازدادوا قحة وقساوة، وهددوها بالقتل إذا لم تنصرف عنهم، ولكي يزيدوا في غيظها وآلامها نزلوا إلى الينبوع واخذوا يثيرون الوحل بأرجلهم حتى لا يصلح الماء للشرب، فاشتد غضب الآلهة ولم يجدها اللطف والاسترحام، فرفعت يديها إلى السماء وطلبت من الآلهة أن يظل هؤلاء القوم في الماء طول حياتهم عطاشى يشربون فلا يرتوون، فاستجابت السماء طلبتها، وحل غضب الآلهة على القوم القساة، فظلوا في الماء لا يبرحونه، وكانوا يتمرغون في الوحل ويهبطون أحيانا إلى الأعماق ويرفعون رؤوسهم أحيانا فوق سطح الماء، ويحرجون أحيانا إلى اليابسة حتى إذا رأوا ما يخيفهم قفزوا إلى مسرعين، ومع أن الماء ظل ملكا لهم يعيشون فيه، فقد كانوا يتذمرون ويضجون وينقون، حتى خشنت أصواتهم، وانتفخت حناجرهم، وتقلصت أعناقهم، واختفت واتصلت رؤوسهم بأجسامهم، واخضرت ظهورهم، وابيضت بطونهم، وبكلمة واحدة صاروا ضفادع.